حفزتني الصورة المهينة للفنان خونه ولد فال مصفدا على إعادة نشر إنارة حول المقتضيات والظروف القانونية التي تجب مراعاتها في حالات تقييد الحرية ولذلك رجعت لعرض سبق وأن قدمته أمام صحفيي انواذيبو، بتاريخ 7 فبراير 2018، بالتعاون مع تجمع الصحافة الموريتانية. كان عنوان محاضرتي كما حدده المنظمون آنذاك "ظروف المحاكمة العادلة في دولة القانون" إلا أنني ارتأيت اليوم تعديل الموضوع والتصرف فيه بحيث يكون عنوانه "ظروف الضبط والمحاكمة العادلة في دولة القانون" ذلك أن تقييد الحرية وضبط الأشخاص ومحاكمتهم محاط بضمانات قانونية لا يجوز انتهاكها ولا يعذر أحد بجهلها. ويتوجب بيان كون التوعية في هذا الموضوع من مسؤوليات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب طبقا للمادة الثالثة من القانون رقم 034-2015 المنشئ لها أما ولم تفعل فإن بيان حظر التعذيب يكون من قبيل فرض الكفاية الذي قد يتعين على من يهمه الأمر.
وأتناول الموضوع من خلال التمهيد بتعريف دولة القانون وخصائصها (أولا) قبل الخلوص لظروف الضبط القانوني وشروط المحاكمة العادلة (ثانيا) وأختم بأهمية ضمانة العلنية (ثالثا).
أولا/ تعــريف دولة القانون وخصائصها:
للدولة مفاهيم متعددة ولكن أغلب المنظرين يتفقون على تعريفها بأنها "مجموعة بشرية تقيم على إقليم معين وتخضع لسلطة سياسية واحدة" أما مفهوم دولة القانون فحديث نسبيا وهو مأخوذ عن الألمان Rechtsstaat وقد عرف الفقيه النمساوي Hans Kelsen مع مطلع القرن العشرين دولة القانون بأنها "الدولة التي تكون ممارسة السلطة فيها مقيدة بتراتب القواعد la hiérarchie des normes بحيث تستمد كل قاعدة شرعيتها من احترامها للقواعد التي تعلوها درجة" وبذلك تتدرج النظم على شكل مجسم هرمي يحتل الدستور قمته، تتلوه الاتفاقيات الدولية وتتوسط الهرم القوانين التي تصادق عليها الهيئة التشريعية في الدولة أما في القاعدة فتتراتب الأدوات التنظيمية المختلفة (مراسيم، مقررات، قرارات وتعميمات).
وتتميز دولة القانون بفصل السلطات التقليدية الثلاث بحيث تختص السلطة التشريعية في إقرار القوانين التي تقوم السلطة التنفيذية بتطبيقها وفي حال نشوب نزاع ما تتدخل السلطة القضائية لقول كلمة الفصل فيه بالانطلاق من القانون دون أن تخول أي من السلطات الثلاث الاستبداد بالأمر فدور السلطة التشريعية ينتهي بسن القوانين العامة والمجردة التي يجب أن يخضع لها الجميع ولكنها (السلطة التشريعية) غير مطلقة التصرف في ذلك فهي تلزم بمراعاة قواعد التشريع الرئيسي (الدستور) في مسطرة التصويت الشكلية وفي مضمون المادة التي تصدر عنها والتي يتحتم أن تراعي الدستور حتى لا تتعرض للإلغاء عندما يتبين عدم تأسيسها الذي يبت فيه المجلس الدستوري المحسوب على السلطة القضائية.
إذن يمكن القول إن دولة القانون هي الدولة الدستورية التي تقوم على مبدأ فصل السلطات والتزام كل واحدة منها بالتقيد بالقانون ويتطلب ذلك احترام الدستور الذي تستمد منه السلطات المختلفة صلاحياتها وشرعيتها والذي ينظم العلاقات فيما بينها ويقوم بتقييدها بحيث تضع كل سلطة حدا لهامش تحرك السلطات الأخرى باعتبار السلطة المطلقة مفسدة مطلقة كما يقال وكما يقول المنظر الفرنسي Montesquieu"يتعين لمنع التعسف في استعمال السلطة أن نرتب الأشياء بحيث توقف السلطة السلطة".
وبعد هذا التمهيد يكون من السائغ أن نخلص لتناول "ظروف الضبط والمحاكمة العادلة في دولة القانون".
ثانيا/ ظروف الضبط القانوني والمحاكمة العادلة:
الضبط هو التعرض الذي يخول وكلاء السلطات العمومية أن يقوموا به من أجل ضمان احترام القانون والنظام والمحاكمة العادلة هي التي تراعي قواعد العدل وتوفر حقوق المتقاضين بتمكينهم من الضمانات المتعارف عليها دوليا ويمكن القول إن القانون الموريتاني يوفر، من حيث المبدأ، مستوى مقبولا من الضمانات بتحديده لظروف الضبط التي يجب على وكلاء السلطة مراعاتها عند التعرض للمشتبه فيهم كما أنها تكرس شروط المحاكمة العادلة في نصوص القانون بمختلف درجاتها (دستور، اتفاقيات دولية مصادق عليها، قانون) ونظرا لتشعب أسباب الضبط واختلاف طبيعة المحاكمات واعتبارا لخطورة القضايا الجزائية لمساسها المباشر بحريات وحقوق الإنسان فإنها تثير الاهتمام على الصعيد العالمي أكثر من القضايا المدنية والتجارية المرتبطة بالمصالح المادية. لذلك سأركز، في هذا العرض، على المتابعات الجزائية وأتناول ضمانات عدالتها من خلال القانون الموريتاني بمختلف درجاته في سياقين: ينصب أولهما على ضمانات ضبط الأشخاص ويتعلق الثاني بضمانات المحاكمة العادلة وحقوق المدان.
1. ضمانات ضبط الأشخاص
يمكن تقسيم الضمانات إلى ثلاث مستويات فمنها الضمانات الدستورية و"الضمانات الاتفاقية" المكرسة في معاهدات دولية مصادق عليها من طرف الجمهورية الإسلامية الموريتانية التي تكتسب سلطة أعلى من سلطة القوانين بنص المادة 80 من الدستور وأخيرا الضمانات المقررة في القانون (بمعناه الضيق).
أ. الضمانات الدستورية:
تضمنت المادة 13 من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية أهم هذه الضمانات ونصها:
"يعتبر كل شخص بريئا حتى تثبت إدانته من قبل هيئة قضائية شرعية.
لا يتابع أحد أو يوقف أو يعتقل أو يعاقب إلا في الحالات وطبق الإجراءات التي ينص عليها القانون.
تضمن الدولة شرف المواطن وحياته الخاصة وحرمة شخصه ومسكنه ومراسلاته.
يمنع كل شكل من أشكال العنف المعنوي والجسدي."
وقد كرست هذه المادة الضمانات الأساسية السابقة على المحاكمة ومن أهمها قرينة البراءة وبموجبها لا يلزم الشخص بإثبات براءته وإنما يقع عبء الإثبات على عاتق النيابة العامة التي تحرك الدعوى العمومية.
ب. الضمانات المكرسة بموجب اتفاقيات دولية:
نصت ديباجة دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية على تمسكها بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان المعروف بإعلان سان فرانسيسكو والذي ينص في مادته التاسعة على ما يلي: "لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً". وينص مادته العاشرة على ما يلي:
"لكل إنسان الحق، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظرا عادلا علنيا للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه.".
وقد صادقت موريتانيا على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بموجب القانون رقم 99/27 بتاريخ 20 يوليو 1999 (المنشور في العدد 1326 مكرر من الجريدة الرسمي المؤرخ 9 دجنبر 2014).
وتنص المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (التي لم يشملها التحفظ) على ما يلي:
1. الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون. ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة، إلا أن أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إلا إذا كان الأمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خلاف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خلافات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية على أطفال.
2. من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا.
3. لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:
أ. أن يتم إعلامه سريعا وبالتفصيل، وفى لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها،
ب. أن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه،
ج. أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له،
د. أن يحاكم حضوريا وأن يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره، وأن يخطر بحقه في وجود من يدافع عنه إذا لم يكن له من يدافع عنه، وأن تزوده المحكمة، كلما كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك، بمحام يدافع عنه، دون تحميله أجرا على ذلك إذا كان لا يملك الوسائل الكافية لدفع هذا الأجر،
ه. أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام،
ذ. أن يزود مجانا بترجمان إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم اللغة المستخدمة في المحكمة،
ز. أن لا يكره على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بذنب.
4. في حالة الأحداث، يراعى جعل الإجراءات مناسبة لسنهم ومواتية لضرورة العمل على إعادة تأهيلهم.
5. لكل شخص أدين بجريمة حق اللجوء، وفقا للقانون، إلى محكمة أعلى كيما تعيد النظر في قرار إدانته وفى العقاب الذي حكم به عليه.
6. حين يكون قد صدر على شخص ما حكم نهائي يدينه بجريمة، ثم أبطل هذا الحكم أو صدر عفو خاص عنه على أساس واقعة جديدة أو واقعة حديثة الاكتشاف تحمل الدليل القاطع على وقوع خطأ قضائي، يتوجب تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب نتيجة تلك الإدانة، وفقا للقانون، ما لم يثبت أنه يتحمل، كليا أو جزئيا، المسئولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب.
7. لا يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي وفقا للقانون وللإجراءات الجنائية في كل بلد.".
ج. الضمانات المكرسة بنصوص القانون (بمعناه الضيق):
إثر المصادقة على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وعلى ابروتوكولها الاختياري سنت موريتانيا القانون رقم 033-2015 الصادر بتاريخ 10 شتنبر 2015، المتعلق بمناهضة التعذيب الذي ينص في مادته الرابعة على ما يلي:
"بمجرد منع شخص من الحرية يجب تطبيق ضمانات أساسية خاصة:
• الحق بالإشعار الفوري لعضو من أسرته أو أي شخص يختاره باعتقاله ومكان هذا الاعتقال؛
• الحق، بناء على طلبه، في كشف يقوم به طبيب فور حجزه أو توقيفه؛
• حق الولوج إلى محام عند بداية الحرمان من الحرية أو مساعدة شخص يختاره، وإمكانية الحصول بصفة سريعة على المساعدة القضائية عند الاقتضاء؛
• الحق في المثول فورا أمام قاضي وبت محكمة في شرعية اعتقاله طبقا للقوانين المعمول بها؛
• الحق في إبلاغه بالحقوق المذكورة أعلاه بلغة يفهمها وإمكانية التماس المساعدة القضائية؛
• التزام سلطة الاعتقال بمسك سجل يومي يبين على الخصوص الهوية والحالة البدنية والصحية للشخص الممنوع من الحرية، وتاريخ ووقت وسبب الحرمان من الحرية، والسلطة التي قامت بالحرمان من الحرية، وتاريخ ووقت الإفراج أو النقل إلى مكان احتجاز آخر، الوجهة والسلطة المكلفة بالنقل.
تترتب عقوبات تأديبية ومتابعات جنائية في حالة عدم احترام هذه الضمانات عند الاقتضاء.".
وتنص المادة الثالثة من القانون رقم 034-2015، الصادر بتاريخ 10 شتنبر 2015، المنشئ للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب على ما يلي:
تختص الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب ب:
1. القيام بزيارات منتظمة، مبرمجة أو مفاجئة، دون إشعار وفي أية لحظة في كافة الأماكن حيث يوجد أو يمكن أن يوجد أشخاص محرومون من الحرية، بغية الاطلاع على ظروف المعتقلين والتأكد من أنهم لم يتعرضوا للتعذيب وغيره من أنواع العقوبة أو المعاملات القاسية أو اللإنسانية أو المهينة ؛
2. استعراض وضعية الأشخاص المحرومين من الحرية الموجودين في أماكن الاحتجاز المذكورة في المادة 2 بصفة منتظمة، بغية تعزيز حمايتهم، عند الاقتضاء، ضد التعذيب وغيره من صنوف العقوبة أو المعاملات القاسية أو اللإنسانية أو المهينة؛
3. تلقي شكاوي ومزاعم التعذيب وغيره من أنواع العقوبة أو المعاملات القاسية أو اللإنسانية أو المهينة التي تقع في أماكن الاحتجاز والتحقيق في هذه الحالات وإحالتها إلى السلطات الإدارية والقضائية المختصة ؛
4. إبداء الرأي حول مشاريع القوانين والنظم المتعلقة بالوقاية من التعذيب والممارسات المهينة؛
5. صياغة التوصيات بغية الوقاية من التعذيب وغيره من أنواع العقوبة أو المعاملات القاسية أو اللإنسانية أو المهينة، أخذا بعين الاعتبار لمعايير منظمات الأمم المتحدة وضمان متابعة تنفيذها. وفي هذا الإطار، يتعين على المصالح المعنية في الدولة إقامة حوار بناء مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب و الاستجابة للتوصيات التي تتم صياغتها من طرف هذه الأخيرة في أجل شهر(1) واحد؛
6. تحسيس الفاعلين المعنيين حول مساوئ التعذيب وغيره من أنواع العقوبة أو المعاملات القاسية أو الا إنسانية أو المهينة؛
7. إنشاء قاعدة بيانات من أجل الحصول على الإحصاءات التي يمكن استخدامها في المهام المسندة إليها؛
8. إعداد ونشر البحوث والدراسات والتقارير المتعلقة بالوقاية من التعذيب والممارسات المهينة الأخرى؛
9. التعاون مع المجتمع المدني ومؤسسات مناهضة التعذيب؛
10. نشر تقرير سنوي حول أنشطة الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، يحال لرئيس الجمهورية. يحال التقرير المذكور كذلك للجمعية الوطنية ولمجلس الشيوخ. ينشر هذا التقرير.
2. ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق المتهم المدان
وتتعلق بحق الشخص المتهم في أن تنظر قضيته من طرف محكمة مستقلة محايدة وعادلة وأن تلتئم المحكمة دون كبير تأخير وتكون جلساتها علنية ما لم يكن في ذلك انتهاك لحقوق المتهم وخصوصيته (عندما يكون قاصرا مثلا) أو بالنظام والآداب العامة.
وقد تضمنت النصوص المذكورة أعلاه تكريس بعض هذه الضمانات كما نصت الفقرة الأولى من المادة 89 من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية على ما يلي:
""السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية."
ونصت المادة 90 منه على ما يلي:
"لا يخضع القاضي إلا للقانون وهو محمي في إطار مهمته من كل أشكال الضغط التي تمس نزاهة حكمه."
ونصت المادة 91 منه على ما يلي:
"لا يعتقل أحد ظلما فالسلطة القضائية الحامية للحرية الفردية تضمن احترام هذا المبدأ في نطاق الشروط التي ينص عليها القانون."
وتنص المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ما يلي:
"1. لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه.
2. يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه.
3. يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعا، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه. ولا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم المحاكمة في أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية، ولكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء.
4. لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني.
5. لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني حق في الحصول على تعويض.".
وتنص المادة 5 من التنظيم القضائي الموريتاني على ما يلي:
تكون جلسات المحاكم علنية إلا إذا كان في ذلك خطر على الأمن العام أو الأخلاق الحميدة أو إذا كان محظورا قانونا. وفي هذه الحالات يقرر رئيس المحكمة المعنية عقد جلسات مغلقة. وفي جميع الحالات فإن الأحكام والقرارات يجب أن ينطق بها بصفة علنية وأن تكون مسببة وإلا كانت باطلة.".
وتنص المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية على ما يلي:
"عند افتتاح الجلسة يحظر استعمال أي جهاز للتسجيل أو الإذاعة أو كاميرا أو تلفزيون أو أجهزة للتصوير أو هواتف نقالة تحت طائلة العقوبات بغرامة من ثلاثين ألف (30.000) إلى ستين ألف (60.000) أوقية. ويمكن أن يحكم بها حسب إجراءات الحكم في الجرائم المرتكبة في الجلسة.".
ومن الضمانات المكرسة في القانون الموريتاني إمكانية طعن المتهم في حكم الإدانة واللجوء لهيئة قضائية أعلى لتمحيصه وتتراتب المحاكم الموريتانية في ثلاث درجات وتقبل جل الأحكام الصادرة ابتدائيا الطعن بالإستئناف الذي تترتب عليه صيرورة الحكم نهائيا إلا أنه يقبل الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا.
وبالنظر لأهمية العلنية فإن من شأن تفعيلها أن يضع حدا للكثير من التجاوزات.
ثالثا/ أهمية تفعيل ضمانة العلنية:
نظرا لأهمية وسائل الإعلام في إنارة الرأي العام وما يمكن أن تسهم به من رقابة على الهيئات القضائية وبالنظر لتطور وسائل الاتصال فقد طالبت مرارا بتفعيل العلنية من خلال تعديل أو إلغاء المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية لإفساح المجال أمام الصحافة لتغطية مجريات المحاكمات وبثها وضمنت ذلك في كتابات ومحاضرات متعددة كانت آخرها محاضرة قدمت في انواذيبو بالتعاون مع نقابة الصحفيين، بتاريخ 29 مارس 2018.
ذلك أن من شأن فشو التجاوزات أن يحد منها لأنه يوفر رقابة تضع حدا لصولة تعسف وكلاء السلطة العمومية كما أن من شأن رفع حظر استخدام أجهزة التصوير والتسجيل في الجلسات أن يمكن الصحافة من نقل وقائع المرافعات ويساهم في حسن سير العدالة مجاراة للعالم وسعيا لفوائد أثبتها خبراء دوليون أذكر منهم الأستاذ Paul Mason منسق مركز الإعلام والعدالة في معهد Southampton بالمملكة المتحدة الذي قام ببحوث أثبت على إثرها أن بث مجريات المحاكمة عبر الوسائل السمعية البصرية يسهم في حسن سير العدالة.. لقد آن الأوان للأخذ بالمعايير العصرية في تجهيز القاعات القضائية بكاميرات تصوير وأجهزة تسجيل تحقق توثيقا لم يعد من المناسب ولا الضروري الاعتماد فيها على الضبط البشري وحده.. وفي انتظار التجهيز، الذي يتأخر غالبا، لن يضيرنا رفع الحظر عن التسجيل والتصوير الذي تتيحه الهواتف الخفيفة المنتشرة.
*المحامي/ محمد سيدي عبد الرحمن إبراهيم*