المحطة الأولى: ثانوية جكني حيث الإهمال و الإستهتار بشتى أنواعه فإلى متى..؟!
تعد ثانوية جكني نشازا إذ لم تكن يوما من بين الثانويات القلائل اللاتي لاقت دعما واسعا و إهتماما بالغا من لدن القيمين على الشأن العام و كذا الوزارة المعنية- حالها في ذلك كحال المقاطعات المستحدثة أخيرا حيث التباين في كل شيء-، و خاصة أن التعليم مؤخرا شهد توجها عاما حتى و إن كان باهتا فإن نصيبها منه يكاد يكون معدوما إذ لم تتلقى أي دعم و لا مساعدة و هي في أمس الحاجة لذلك رغم الساكنة الكبيرة و الخزان الإنتخابي الذي يعول عليه النظام و سائسوه، فمدارسها العريقة من حيث الشكل متهالكة لم تشهد ترميما واحدا منذ نشأتها و بلا نوافذ و لا أبواب و لم تحصل على صيانة حتى، إن لم نذكر إستحداث بعض الفصول الجديدة التي بنيت مؤخرا بمعايير لا يمكن تصنيفها عمرانيا إلا بمباني العصور الحجرية و خاصة أننا في زمن العولمة حيث التكنلوجيا الحديثة و التطور المعماري، إلا أن بعدها الجغرافي - لكونها تقع في أقصى الشرق الموريتاني على الحدود المتاخمة لدولة مالي الشقيقة فهي تبعد ستين كيلومترا منها- و تخلف الساكنة و قلة الوعي لديهم و تثبيط عزيمتهم من أن التعليم النظامي لا يهم، لأنه لو كان مهما لَحُظيَّ بتوجهٍ جادٍ سعيا في الرفع من مستواه و أهله و لكان للمعلمين و الأساتذة قيمة معنوية و لَكُرِّمُوا أيَّما تكريم لأنهم بُنَاةُ الأجيال الصابرين على البُأسِ القابعين تحت الفقر و التهميش، فبدل أن يُعزَّزُوا و يُحْظَوْا بالإهتمام من لدن الدولة و يمنحوا أعلى المناصب و يُغْدقُ عليهم بالهدايات و الإكراميات و تدفع لهم أعلى الرواتب لما أسهموا به من تربية و تكوين للأجيال دفعا لعجلة التنمية بالبلد و بناء على تضحيتهم بالجهد و الوقت و ما دفعته من صحتهم ثمنا لتلك التضحيات الجسام؛ فبدلا من ذلك ووجهوا بالتهميش و الحرمان و قُزِّمَ دورهم و قُلِّلَ من شأنهم حتى أصبحوا سخرية يضرب بهم المثل في قلة الأهمية و قدمت للعامة صورة سيئة عنهم تنم عن عدم المصداقية، في حين يُكرَّم الفاسدين الذين لا يراد
منهم غير العبث بمقدرات البلد و الإستهتار بحياة الناس هم أبناؤهم و ذووهم فَيُمْنحُوا أعلى المناصب لا لشيء سوى التعالي و الإستهتار و التلاعب بالقانون و الدوس على الأعراف و القيم و القفز فوق هذا كله و تبرير الإخفاقات المتكررة و التغطية عليها و شَغْلِ العامة بما لا فائدة من وراءه..، كل تلك أمور من بين أخرى ساهمت في طمر التعليم و أهله و جعلت الكل يَهْزأُ منه إلا أن المتضرر الأول و الأخير هو المواطن الضعيف و المطحون الذي لا يَقْوَى على توفير قوته اليومي فكيف بتسديد فواتير التعليم الحر غالي الثمن قليل المردودية للأسف الشديد..
و بالعودة للتعليم المتدني و ضعف مستويات الطلبة الملاحظ من خلال عدد الناجحين سنويا بالمسابقات الوطنية ( كونكور- إبريفه- الباكلوريا) و الذي يعزيه البعض لغياب الرقابة الجادة و إنعدام البنى التحتية و خاصة ما يتعلق منها بالمدارس بشكل عام -بمقاطعتنا الأم موضوع التدوينة- ناهيك عن عزوف أبناء المقاطعة و ساستها من يحسبون أنفسهم ورثتها و هم من صعدوا أصلا على ظهور أهلها فهم لا يعرفون لها سبيلا إلا في فترات الحملات الانتخابية لكي يضمنوا مقاعدهم في البرلمان و البلديات و غيرها، إلا أن تقاعسهم ذلك عن دعمها لم يعد مبررا و خاصة في هذه الظرفية الإستثنائية بالذات حيث عودة الجائحة التي إحتاجت البلد مؤخرا و مازالت ترخي بظلالها على الحياة العامة مما أدى إلى إغلاق المدارس و الجامعات و توقفها عن التدريس و تعطيل نشاطها التعليمي إلى إشعار آخر؛ فقد وجب التنبيه إلى خطورة الوضع و تلافيه قبل فوات الأوان إذ لم يعد يحتمل التسويف و لا التلكؤ لأنه بات يتطلب حلا عاجلا ينهي معاناة الأهالي و يضمن مستقبل أبناءهم، كما أنه أيضا يعتبر رداً للجميل لهؤلاء لأنهم لم و لن يقصروا في حق أي كان حتى في أصعب الأوقات إذ يدعوا مشاغلهم جانبا لكي يلبوا نداء هؤلاء الساسة و يقومون بما أُوهِمُوا بأنه الواجب..
و من هذا المنبر و على غرار المقاطعات من حولنا فإننا نوجه نداء عاجلا لجميع أبناء المقاطعة شبابا و شيبا رجالا و نساء ساسة و قادة رأي أن لبوا النداء و ( تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكُمْ..) أن ندع خلافاتنا العقيمة جانبا و يشد بعضنا أَزْرَ بعض إمتثالا لقوله تعالى: (وَ تَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَ التَّقْوَى) و تطبيقا لسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم ( مثل المؤمنين في توادهم و وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى)؛ و لنقم بالواجب و لو لمرة واحدة فقط تجاه أهلنا جميعا لكي نخفف من معاناتهم و ذلك عبر إقامة تلتون يدفع كل منا خلاله مساهمة مالية حسب مقدرته و مستواه المادي لكن دون تمييز، يهدف هذا البرنامج إلى سد الحاجة الماسة لدى الأهالي و خاصة بالقرى و الأرياف ذات الكثافة السكانية الكبيرة المصحوبة بإنعدام البنى التحتية و الخدمات و التي يصعب عليهم مواجهتها نظرا لقلة ذات اليد و ضعف الدخول، و الإسهام الفعلي في الرفع من مستوى التعليم بمقاطعتنا الحبيبة و ذلك عبر تشييد المدارس و إستحداث الفصول الدراسية التي تتطلبها المدارس و ترميم بعضها الآخر لسد النقص الحاصل جراء تقاعس الجهات المختصة في المجال و تلكؤها، و مما ساعدها في الأمر عدم إكتراثنا للواقع الذي يعيشه مجتمعنا و أنشغالنا عنه في الخلافات العقيمة التي تفرق أكثر مما تجمع و تركنا لأهلها و مصيرهم، و من هذا المنطلق فإنه بات لزاما علينا جميعا نبذ خلافات الماضي الدفين و فتح صفحة جديدة و نضع نصب أعيننا مصلحة بلدنا العليا عامة و مقاطعتنا خاصة، و لا يتأتى ذلك إلا
èبصفاء النوايا تجاه بعضنا بعضا و إلتماس العذر للمخطء منا و لبسه على طهارة و العمل سوية كل من موقعه حتى نتجاوز عتبة الخلاف و التفرقة، و الإسراع في تشكيل لجان مختصة للتنسيق بالعاصمة و المقاطعة الأم كلبنة أساسية للتعاون سبيلا في تحقيق الأهداف المرجوة من المبادرة و التي ستجمعنا لا محالة أكثر مما تفرق و سيكون لها ما بعدها إن شاء الله تعالى لنكون بذلك مثالا يحتذى به، و أحتسبوا الأجر و الثواب من المولى عز و جل ( و الله لا يضيع أجر من أحسن عملا..)، و في الختام نرجو لكم التوفيق و السداد و الرجوع لجادة الصواب و الإسهام في (مَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَ يَمْكُثُ فِي الأَرْضِ..).
كامل الود
#نعم_لتنمية_مقاطعتنا