ترتفع الأصوات الآن متسائلة عن طبيعة الخطوة التي ينوي الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني التعاطي بها مع قطاع الصيد، بعد أن إختار قبل 15 شهرا خبيرا في القطاع للتربع وتسييره مع كامل الصلاحيات.
ورغم مرور 15 شهرا على الوزير الخبير ،فقد سعى الرجل جاهدا إلى تطبيق مقاربته ،ومركزة الأمور حوله بحكم معرفته الكاملة لدهاليز القطاع ،ومجمل أسراره، وهو العارف بمجمل خفاياه وملفاته على مدى 30 سنة.
الوزير الخبير حاول جاهدا إستحداث هيئات جديدة من أبرزها الوكالة البحرية، ومكتب تسيير الموانئ كإطار جديد في القطاع تنصهر في بوتقته الموانئ، وهي الهيئة التي لم تر النور بعد رغم مرور قرابة 9 أشهر على مصادقة مجلس الوزراء عليها، فيما بدأت عمليا الوكالة البحرية في العمل وعين عليها مدير هو الفضيل سيداتي.
بدأ الوزير صارما فيما يتعلق بقضية إعادة الإعتبار إلى المؤسسات البحثية (معهد البحوث والمحيطات ومكتب التفتيش الصحي) ،والذين عرفا في فترته إهتماما غير أن المؤسستين مازالتا بحاجة أكبر إلى الوسائل خصوصا المعهد الذي غرقت الباخرة العلمية الوحيدة التي كان يجري عليها عمليات المسح من أجل معرفة وضعية الثروة البحرية وإلى الآن لم يتم اقتناء باخرة ،وبات تحيين المعطيات العلمية شبه مشلول رغم أن قرار الافتتاح مرهون بالمعطيات الحديثة لاستخلاص رأي علمي من المعهد ،وهو تحدي إلى الأن لم يعرف كبفية التعاطي معه.
دخل الوزير الخبير صراعا واضحا مع المنطقة الحرة في 15 شهرا بعد السعي لتقليم أظافرها بسعيه لإنشاء مكتب تسيير الموانئ ،وهي الفكرة التي قرأ فيها البعض سحب المينائين من سلطة المنطقة الحرة قبل مصادقة البرلمان على تعديل قانونها 001/ 2013.
وفيما يتعلق بواقع البحارة، ومراجعة الاتفاقية فقد ظل الوزير الخبير بمنأى عن القضية ،ولم يعقد أي اجتماع بالنقابات البحرية ،وهي النقطة التي تسببت ربما في سخط النقابيين ومجمل الفاعلين جراء بقاء الوزيرالخبير في برج عاجي عن شركاء بارزين في القطاع يمثلون اليد العاملة ،وكان يفترض أن يتم الاستماع لهم ،ومعرفة رأيهم ،وحتى تقديم رؤية بشأنهم للتحسين من ظروفهم.
وفيما يخص الصيد التقليدي فقد تميزت 15 شهرا بتقليص أهم مكاسب الصيادين التي حصدوا على مدى 17 سنة (فترة 15 يوما)، بحجة أن الإخطبوط بات في خطر ،وأن حصة القطاع تجاوزت الحد المسموح ،وهي السيفمونية التي ظل يعرفها خبراء القطاع غير أبهين بما يحدث في الصيد الصناعي ،ومايقوم به الصين والـأتراك يعلق أحد الصيادين التقليديين ،بحيث لم يشهد القطاع خطوات هامة تنظمه ،وتبلور رؤى من شأنها ضبط القطاع ،ومعرفة أعداد العاملين فيه ودعمهم.
وخلال 15 شهرا خاض الوزير حربا شعواء مع ملاك سفن شركة صناعة السفن،وظل صارما فيما يخص عدم السماح لهم بالعودة إلى الصيد التقليدي رغم ماشاب الحرب من محطات واحتجاجات وإعفاءات لكن الرفض ظل هو السمة البارزة ،وربما ماولد السخط عليه من قبل الملاك ،واتهامه بأنه يريد تقويض وتشتيت جهود الصيد التقليدي بعد أن عجز عن تنظيمه وكانت خطوة الفصل بين الصيد الشاطئي والتقليدي عنوان معركة ماتزال فصولها مستمرة.
ولم تغب نازلة دقيق السمك أو مايعرف محليا ب”موكا” عن 15 شهرا حيث ظل الحديث قائما عنها ،ونجح الوزير بالفعل في تحجيم دورها بحيث تراجعت الكميات لكن لعبت هيئات مدنية دورا بارزا في كشف حقائق صادمة عن المصانع.
عارفون بالقطاع يرون أنه لاجديد حتى الساعة في القطاع لاحيث من حيث حجم الإنتظارات ،وإدماج القطاع في نسيج الاقتصاد الوطني،واتخاذ قرارات صارمة تظهر تعاطيا مختلفا عن ماكان سالفا رغم قصر الفترة الزمنية بل على العكس ازدادت الأزمات ،وتضاعف السخط في صفوف الفاعلين والمستثمرين جراء قرارات مسير الثروة الأول بموريتانيا.
بحسب عارفين بالقطاع يبدو إصرار الوزير الخبير على تطبيقه رؤيته قويا،ويسعى إلى العمل بصمت دون الحاحة إلى التلميع عبر وسائل الإعلام،ويواجه حملات شيطنة قوية بحسب داعميه غير أن أخرين يرون في عدم مرونة الوزير إشكالا يتطلب تجاوزه على الأقل.
وتبقى الأيام القادمة كفيلة بمعرفة بماذا يخطط له الرئيس فهل بالفعل يقرر الإبقاء على الوزير الخبير لكي تكون رسالة قوية إلى أباطرة القطاع بأن الخبير الوزير خط أحمر،وأن عليهم أن يستسلموا ويرفعوا الراية البيضاء ويعودوا إلى بيت الطاعة مهللين أم أن إزاحة الوزير هي الحل في هذا التوقيت بالضبط معها يتم تعيين جديد ويتم وأد الإصلاح وتطبيق القانون وعدم الرضوخ لأهواء البعض وأغراض آخرين؟
المصدر:موقع المؤشر الاقتصادي