لم يكن الحراك المناهض لشركة التعدين بمقاطعة الشامي "كينز-مينيغ" الأول من نوعه الذي انخرط فيه أبناء الساكنة المحلية للعاصمة الاقتصاد فقد سبقه الحراك الشهير ضد هدم منتجعات "كابانو" الذي سرعان ما تلاشى استسلم قادته لإرادة المنطقة الحرة التي ترك لها الحبل على القارب في المنطقة السياحية.
وقد عكس حراك "منتجعات كبانو" السلوك السائد للاحتجاج لدى الساكنة المحلية الذي غالبا ما يظهر بقوة ثم ينتهي إلى خمول أو تسويات غير معلنة كما حدث مع مناهضة حظر المواد المستعملة والسيارات وغيرها..
ظن الجميع أن حراك "الحماة " بقيادة ناشطين من السكان الأصلية لولاية دخلة نواذيبو لن يكون استثناء ولا بدعا عن سابقيه إلا أن "الحماة" في حراكهم ضد شركة التعدين "كينز-مينيغ" كان مفاجئا لنا كمتابعين حيث امتاز بقوة النفس والإصرار على وضع حد للشركة المتهمة من طرف خصومها "الحماة" بالإضرار ببيئة الشامي وقتل ماشيتهم وتسميم مياه الشرب وهي اتهامات نفتها الشركة فيما اصطلح عليه ب"طائرة الصحفيين"
حمل حراك "الحماة" أكثر من رسالة ليس أولها الاصرار في وقف اعمال شركة "كينز-مينيغ" مهما كلف وهذا ما انعكس في مظاهر حرق وهدم أساسات مصنع الشركة في مقاطعة الشامي كما تم تداول فيديو مصور للعملية .
حادثة حرق وهدم أساس مصنع كينز-مينيغ أعطى رسالة بالغة الخطورة للجميع بما في ذلك الدولة ونظامها الحديث حيث جاءت الاستجابة بوقف النشاط التعديني للشركة بقرار من وزارة البيئة وهو وقف مؤقت وليس نهائي كما تشير مصادرنا
النجاح النسبي للحماة جعلهم يلتقطون أنفاسهم و بدوا أكثر عزم من ذي قبل غير أن اعتقال منفذي عملية حرق وهدم أساسات الشركة خلط الأوراق وحد من وتيرة حراك الحماة وجعله ينحصر في الخرجات الإعلامية كان أشهرها لقاء الحماة مع الصحافة الجهوية بنواذيبو .
أما الرسالة الثانية للحماة فقد كانت في التسمية نفسها (الحماة) حيث أثارت الانتباه وطرحت عديد الاسئلة من قبيل أليس حماية المواطن من اختصاص الدولة وليس الافراد والحركات؟
طبعا لم يقدم الحماة في خرجاتهم الإعلامية أية إجابة عن هذا الإشكال ولا يعرف ما إذا كان التغاضي عنه إستراتيجية يتبعها قادة الحماة في الوقت الحالي ام أنها إستراتيجية بعيدة المدى
ومما يجعل التسمية (الحماة) تبعث بهواجس هو كثرة حديث الساكنة او على أقل رموز محسوبين عليها - عن ما يسمونه بالغين والإهمال لهم من طرف الدولة رغم أن الاقتصاد الوطني يتكئ على مقدراتهم البحرية والمعدنية .
فهل يدشن حراك "الحماة" مرحلة جديدة تعكس مظهرا من الصراع الداخلي للساكنة المحلية في العشرية الأخيرة أم ظهور بوادر الانشقاق سيضع حدا للحماة ويكون رقما آخر ينضاف إلى حراكات قد سبقته؟