قد يكون الأسبوع المغربي الذي تم افتتاحه في نواكشوط يوم 16 دجمبر الجاري والذي سيستمر إلى 22 من نفس الشهر، محطة جديدة وهامة في بناء صرح العلاقات بين المغرب وموريتانيا، هذين البلدين اللذين تربطهما كل العوامل: تاريخ، جغرافيا، لغة، دين، تكامل اقتصادي متنوع وواعد.
فها هي إذن التظاهرة الاقتصادية المذكورة تنطلق ويتم افتتاحها بشكل مهيب، من الجانب الموريتاني من طرف عدد من الوزراء، ومن الجانب المغربي من طرف السفير المعتمد في نواكشوط، وهنا يمكن ملاحظة اختلال صغير في التوازن على هذا المستوى، لكن دعونا نتجاوز إلى ما هو أهم.
دعونا نتجاوز إلى جوهر الأمور، فإذا حكمنا على خطابات الرسميين وصدى الأخبار المتداولة في الصحافة حول الموضوع، فان الأمر يتعلق بشرح مفصل وعلى مدى 7 أيام، لفرص الاستثمار التي يمكن أن يعرضها المغرب على الفاعلين الاقتصاديين الموريتانيين، مع تحديد للقطاعات المعنية.
ومن هنا يبدو أن الرسالة واضحة: فإذا كان المغرب قد حقق بالفعل إنجاز الكثير من الاستثمارات في موريتانيا، فإنه لا يكتفي بذلك القدر، بل يريد المزيد، وهذا أمر مشروع تماما ولا جدال فيه.
لكن مجرد سؤال صغير يمر حتما على الأذهان وقد يعرقل مسيرة الأشياء: ما هي مصلحة موريتانيا من كل ذلك؟ فإذا كان بديهيا أننا نستفيد من الاستثمارات المغربية على أرضنا ونرحب بها لأنها تخلق في البلد فرص عمل لايستهان بها، وينتج عنها تسديد ضرائب للخزينة العامة، فيبقى جانب آخر من الإشكالية يحتاج إنارة وجوابا صريحا: أليس للمستثمرين الموريتانيين بدورهم الحق في الاستثمار في المغرب، إن كانوا يرغبون في ذلك، ليستفيدوا من مبدأ المعاملة بالمثل وتضمن لهم حقوقا متساوية مع الشركات المغربية هنالك؟
بطبيعة الحال فإذا اعتمدنا على المعاهدات والنصوص، وحتى على العادات والعقل السليم، فإن الجواب يكون نعم، لكن الواقع يقول شيئا آخر وهو: لا، وفعلا إنها لا، لأن المستثمر الموريتاني الوحيد الذي تجرأ على استكشاف الميدان، السيد محمد ولد كركوب، اطلع على هذا بدهشة ومرارة.
لقد تعرض هذا المستثمر لكثير من العراقيل المتنوعة ولفت حولها انتباه السلطات الوصية المغربية العليا وهيئات أرباب العمل المغربية والموريتانية ، لكن بدون جدوى إلى حد الآن.
والمفارقة هنا تكمن في أن استثمارات السيد محمد ولد كركوب في المغرب جاءت بدعوة ومباركة من المرحوم السفير المغربي السابق في نواكشوط، السيد عبد الرحمن بن عمر عندما كان السيد محمد ولد كركوب يفكر في امتداد مجموعته الاستثمارية إلى الخارج، فاختار إذن المغرب عن بينة كما ظن.
والآن ونحن نشاهد انطلاقة الأسبوع المغربي في انواكشوط، فلا بد أن نطرح سؤالا بسيطا: فإذا كان المغرب لم يطبق مبدأ المعاملة بالمثل للمستثمر الموريتاني الوحيد على أرضه، وهو السيد محمد ولد كركوب، فكيف يمكن أن يدعي نيته تطبيق هذا المبدأ على عشرات المستثمرين المترشحين الجدد؟ لا شك أنه سيكون من الضروري تخصيص أكثر من أسبوع مغربي واحد من الشرح في نواكشوط كي يقنعنا، لأن المستكشف أو البواه كما نسميه نحن، الذي سبق له أن ذهب إلى هناك قد عاد بأخبار مغايرة.
إذن، وفي النهاية، نرجوكم سيدي السفير، أن تعوا أن الكرة توجد في مرماكم ولا ترموها خارج الميدان.
علين ولد سالم