"استهوتني فكرة التعليم عن بعد أيام دراستي في احدى الجامعات الافتراضية الدولية ، وتولدت لدي فكرة المحاكاة بعد انتهاء الدراسة ، وعلى كل قمت بإنشاء منصة تعليمية قبل أن أعززها لاحقا بقناة على اليوتيب"
بهذه الكلمات يلخص الأستاذ محمد البخاري ولد محمد قصة غرامه للتقنيات التي عشقها لدرجة كبيرة، وظل ملاصقا لها لأزيد من 20 سنة اكتسب فيها وراكم خبرات عديدة في المجال الأكثر أهمية في الحياة المعاصرة.
لم يكن التعليم بحسب الأستاذ مهنته الأولى فقد حصل على البكالوريا 3 مرات متوالية ودرس في كلية العلوم والتقنيات لسنتين متواليتين في قسم الرياضيات والفيزياء قبل أن يقرر الإنتقال إلى العمل في المدرسة البحرية كضابط.
لم تستهو ولد محمد المدرسة التي تخرج منها ضابطا في البحرية التجارية ، واستثمر وقته في مواكبة ومتابعة جديد التقنيات بحكم الوقت المتاح وواصل ممارسة هوايته المفضلة وهي تعلم التقنيات.
قادت الأقدار ذات مرة الأستاذ محمد البخاري ولد محمد بعد استشارة من أحد أصدقائه في أن يسجل في احدى الجامعات الإفتراضية في السنغال لدراسة علوم الكومبيتر.
دراسة شكلت البداية الفعلية للأرتباط وتطوير مهاراته في التقنية وتعرف عن كثب على التعليم عن بعد وهي الفكرة التي عشعشت في ذهنه وظلت تكبر شيئا فشيئا وقرر أن يحاكيها لاحقا.
واصل ولد محمد دراسته في الجامعة الإفتراضية وتخرج منها بعد النجاح في الإمتحان وبات قادرا على تصميم المواقع وراكم خبرات وظفها لاحقا في التعاون مع مؤسسات اقتصادية.
قرر الأستاذ محمد البخاري في أن يغير بوصلة توجهه نحو التعليم متكئا على رصيده المعرفي وخبرته بالتقنية التي أراد توظيفها في أول تجربة تعليمية في العاصمة الاقتصادية لم تلق الدعم والتشجيع وبقيت في مهدها.
ورغم أن الأستاذ استطاع أن يقنع المركز الفرنسي ويدرس له المواد العلمية وقبل ذلك بعض كبريات مؤسسات التعليم الخاص إلا أن هذا لم يثنه في مواصلة التجربة حيث أنشأ موقع "الأوائل للتعليم عن بعد".
فكرة يقول الأستاذ إنها لم تنبع من فراغ وإنما مسعى منه لتوظيف المعارف التي اكتسب وجهود لدعم وترقية التعليم في المدينة الاقتصادية دون أن يتم احتضان التجربة من قبل أي مسؤول في التعليم أو الإدارة.
صدود وتهميش لم يثن الأستاذ عن مواصلة مشواره وتذليل العقبات في سبيل تحقيقه حيث قال إن الوسائل كانت محدودة والعراقيل جمة إلا أن قوة الإرادة والتصميم كانا أكبرين من كل شيئ يضيف الأستاذ البخاري.
طموح الأستاذ تواصل بعد أن تمكن من فتح قناة خاصة على اليوتيب كانت خصيصا لنشر الدروس جاهزة عليها ومتابعة التلاميذ لها في مسعى منه لتعميم التجربة الأولى في مدينة تعج بمئات الأساتذة والشركات والمؤسسات لكن لا أحد اهتم بالتجربة أو سأل عنها بل ظلت على الهامش.
وتشاء الأقدار أن يحل وباء كورونا ويرغم الوزارة على التدريس عن بعد وهي فرصة كانت على طبق من ذهب للأستاذ الذي تحول إلى قبلة يؤمه العشرات للنهل من تجربته وتعلم التقنية.
فتح الأستاذ الباب واسعا أمام زملائه وتطوع بنشر موادهم جاهزة على القناة من أجل إسعاف التلاميذ في هذا الظرف العصيب ، وكانت المؤسسات تزوده بلوائح الأقسام عل وعسى أن تتابع الدروس عن بعد بفعل الراحة الإضطرارية.
تجربة كشفت عن أن قوة الطموح والعزيمة كفيلة بتحقيق مايصبو إليه الإنسان فالرجل وبالرغم من مابذل إلا أن صدود الجميع عنه لم يثنه عن مواصلة مشروعه التعليمي الهادف في ظل إكراهات متعددة.