تخيل أن ثروة سمكية صمدت لأربعين سنة من الاستنزاف الممنهج عبر صيادين من دول وحتى من قارات وحتى من شعوب تأكل الأخضر واليابس كشعب الصين الذي يأكل كل شيء حتى الحشرات، الصين ليست وحدها هي التي تأكل كل ما يخرج من السواحل الموريتانية فهناك الأفارقة جنوب الصحراء الذين يستخدمون الطرق التقليدية لتجفيف الأسمال ونقلها عبر الشاحنات إلى دول إفريقية …
صمدت الثروة السمكية الموريتانية في وجه الغزاة طويلا إلا أن هذا الصمود لم يمكث طويلا ، فيبدو أن الأخطبوط بات شبه منقرض و آلاف الصيادين هاجرو إلى مناطق البحث عن الذهب لأنهم تعبوا وحتى ممولي سفن الصيد التقليدي باتوا شبه مفلسين..
لم يسأل أحد نفسه عن السبب الحقيقي وراء هذا الجفاف الذي بات يجتاح الثروة السمكية، وبات أيضا يهدد جانب أساسي من مصادر الناتج المحلي للبلد، ربما الجميع حاول أو يحال إيهام نفسه والآخرين أن الوضع جيد جدا وأن الرياح مازالت تأتي من الغرب ورياحا أخرى من الشرق ، وأن السواحل الموريتانية غنية بالأسماك، وأن بلدنا يحافظ عليها من خلال حكوماتنا المتعاقبة، وذلك عبر اتفاقيات تسيل لعاب المواطنين وتنشر معها فقاعات إعلامية لتضخيم اتفاقيات النزيف والنهب المستمر لثروة تشكل مصدر حياة لآلاف الأسر في كافة المناطق..اتفاقيات الصيد ظلت تثقل كاهل الثروة السمكية قبل مراجعة الاتفاقية الأوروبية والتي منعت على الأوروبيين اصطياد أنواع من السمك الموريتانية وخاصة الأخطبوط، لكن لماذا بات الأخطبوط شبه معدوم ولماذا حتى الأسماك المهاجرة باتت هي الأخرى شبه معدومة ؟؟ أين الرقابة البحرية أين وزارة الصيد أين مركز التفتيش البحري أين أين …؟
الإجابة لن تراها إلا عبر البلاغات الشعبية عبر أثير الإذاعة الوطنية ..تخيل معي أن رجل أعمال تركي يملك وحده مجموعة من السفن هي مجموعة “إلهان يلمز” Groups ILHAN YILMAZ أو ” ريزو ماموش. فوق القانون” كما يحب المراقبون للمجال أن يسمونها ، مجموعة مكونة من ثمانية بواخر صيد سطحي، تصطاد سمك السردين “الجيد والرديء، (الياي بوي)” وطبعا يتم طحنه ، هذه المجموعة تقول مصادر وما أثبتته تحريات أنها تتحكم في كل شيئ حتى أنها تتحكم في الميناء والطوابير على المرفأ الرئيسي في ميناء نواذيبو المستقل وكأن الجميع خاضع لها بما في ذلك إدارة الميناء وخفر السواحل.. وطبعا الأرباح ستصل ل 6مليون دولار سنويا أو يزيدون.
هذا التحكم يضع الكثير من نقاط الاستفهام حول كيفية تسيير الثروة السمكية ، وما مدى تفعيل آلية الرقابة على مناطق الصيد .كما أن هناك تقاضي كبير عن القرصنة التي تقوم بها مجموعات الصيد في المناطق المحظورة وخاصة منطقة “الفقمات ذات الإحداثية 2103” هذه المنطقة محرم الصيد فيها ،إلا أن العديد من القباطنة والبحارة أكدوا مما لا يدع مجالا للشك أنها منطقة قرصنة وأن الحماية فيها شبه معدومة وينتشر فيها الصيد بشكل مخيف، ونحن بدورنا نسأل عن ماذا يفعل المهندس الذي يشرف على مراقبة السفن عبر مكتبه في مباني خفر السواحل بمدينة نواذيبو؟ هل جاء لشرب الشاي والتقاضي عن القرصنة المتواصلة للسفن الأجنبية وخاصة في منطقة “الفقمات” وباقي المناطق المحرمة؟
هذا التقاضي عن القرصنة يضع نقاط استفهام أخرى عديدة..كل بحار مغلوب على أمره يعلم بهذه الخروقات حتى القباطنة الموريتانيين يعلمون بها ولا يستطيع أحدهم الحديث، كما أن الحديث علنا بالنسبة لهم هو شبه إقالة من العمل، وإذا تحدث أحدهم يعتبر مجنونا وأضحوكة، وتذهب ثروة أجيال في مهب الريح ويضحك كل متمالئ ملأ فيه لأنه إما أخذ رشوة أو ساهم في نهب الثروة…
نقلا عن موقع أصوات موريتانيا