أجرى موقع المؤشر مقابلة مع الخبير الاقتصادي محمد يسلم الفيلالي المقيم في ابريطانيا.
وتناولت المقابلة الاقتصاد والغاز والميزانية وحذف الصفر من العملة إضافة إلى مواضيع أخرى.
وفيما يلي نص المقابلة :
المؤشر:نود منكم تقديم الاقتصاد الموريتاني في أرقام ، وأبرز القطاعات ، وكيف تقيمون السياسات الاقتصادية؟
الخبير الاقتصادي: فيما يخص السؤال الأول فإن الاقتصاد الموريتاني بسيط وليس معقدا مع أن التنمية الاقتصادية تحتاج تراكم المعرفة الإنتاجية وهو مايستخدم في الصناعات الأكثر تعقيد، وفيه مؤشر يقيس ذلك ومستوى موريتانيا ضعيف في هذا المؤشر وهي أقل من السنغال وتحت مالي وليس اقتصاد صعف الوصف.
والناتج المحلي 360 مليار من الأوقية الجديدة حسب البنك المركزي ويمكن أن يقسم بين القطاعات الثلاث الأول الزراعة والصيد والثروة الحيوانية 18% والقطاع الثانوي النشاطات الإستخراجية والمعادن والأشغال العامة والصناعة التي مستواها ضعيف في البلد ويمثل 32% من الناتج المحلي والقطاع الثالث يمثل 40% وهو التجارة والاتصالات والخدمات بصفة عامة وهذا بإختصار هو وصف الاقتصاد الموريتاني.
وهو اقتصاد بسيط و متذبذب بحكم أنه يركز على قطاعات أسعارها تحدد في السوق العالمي وليست في موريتانيا ، وماوقع 2021 يصل سعر الحديد 200 دولار وبعد ذلك تنهار وهو له مفعول على ميزانية الدولة والإنتاج الوطني.
المؤشر:عاش العالم في 2019 على وقع أكبر أزمة صحية عطلت اقتصاديات العالم إلى أي مدى أثر على الاقتصاد الموريتاني ؟ تشير معطيات رسمية إلى أن الحكومة تجاوزت تبعات الجائحة وانتقل مستوى النمو من -1 إلى 5 %؟
الخبير الاقتصادي :بالفعل الأزمة الصحية كان لها تأثير على العالم وأوقفت اقتصاديات دول العالم وهي بالمناسبة لم تنته بعد فمثلا الصين مازالت تعاني ، وعديد الدول في العالم والتي تعاني من تبعات الأزمة الصحية وحين تدققون في الوضع العالمي تدركون حجم الركود الاقتصادي وأحد أسبابه توقف الاقتصاد الصيني بفعل سياستها الصحية.
وبالنسبة لموريتانيا أثرت عليها وأظهرت هشاشة الدولة وضعفها عن توفير أبسط شيئ للمواطنين ، ولانملك صناعات بمواصلة الإنتاج في أي قطاع ولانملك الطاقة ولا المواد الغذائية وهو ماأظهر ضعف الدولة.
وفي نفس الوقت لم تكن وضعية الدولة المالية جيدة مع تعقد الظروف في العالم وحتى عدم توفر الحاجيات وهو مالمسه المواطنون في عدم الأمان الغذائي وحتى الطاقوي مما تسبب في موجة التذمر، وهذه الأزمة الصحية كانت صدمة في العالم التي حاولت تغيير مفهوم العولمة والتي فضلت الكفاءة على المرونة وبدأت الشركات الأجنبية تطرح السؤال :لماذا تستورد من مكان بعيد؟
وبالنسبة لموريتانيا واجهت صعوبات كبيرة في هذه الأزمة الصحية لتلبية حاجيات المواطنين مع أن قدرة الدولة على الاقتراض صعبة مع العلم أنه لايمكن زيادة الضرائب لماسيكون له من تبعات ، وبالفعل تجاوزت الدولة الوضعية ووجدت قروض وتسهيلات وحتى إعفاءات ، وحصلت الدولة على المساعدات.
وأثرت علينا الجائحة حيث أن نسبة النمو -1 % حيث أن مسيرة النمو توقفت بفعل الجائحة وأثار التخلف في النمو تبدو أثارها بينة على المواطنين وصحيح ان نسبة النمو الاقتصادي قد تصل 2022 إلى 4.5%.
والسؤال المطروح هل هذه النسبة ستعوض النمو المفقود ؟ الجواب لا حيث أن دولة مثل موريتانيا يفترض أن تكون نسبة النمو لا تقل عن 6.5 % لعدة أسباب.
المؤشر: أنشأت موريتانيا في 2013 فكرة منطقة حرة لجلب الإستثمارات كيف تقيمون المشروع؟
الخبير الاقتصادي: فكرة المنطقة الحرة في حد ذاتها فكرة جيدة والمشكل هي طريقة إنجاز المشروع والتغيرات التي طرأت عليها في مسارها ، وأي منطقة حرة تحتاج توفر عديد المقومات أولاها بنى تحتية مالية ، وانسيابية حركية الأموال سريعة وثانيها بنى تحتية لوجستية بحيث تتاح حركية الناقلات البحرية والطائرات بحكم أنها تنافس مناطق حرة في جزر الكناري وطنجة وهي عوامل ينبغي توفرها وتم تجهيزها وهو مالم يحدث وترون الآن وضعية المنطقة الحرة وأرى أنها لن تحقق في الأمد القريب والمتوسط الأهداف التي أنشأت من أجلها إن لم تغلق قبل ذلك.
وموريتانيا تحتاج إلى العملة الصعبة لأن أوقية طبعتها تحتاج تغطية من العملة الصعبة بحكم جل مانستورد لابد من العملة الصعبة ويمكن أن تحصل عليها بثلاث طرق الأولى عائدات المبيعات من المواد المصدرة وهو مالم يكف البلد لأن الإستهلاك أكبر من الإنتاج ونلجأ إلى الاقتراض بتكاليفه وهو دخل لكن وهذا وقع لموريتانيا منذ 1985 إلى اليوم فيما الطريقة الثالثة هي جلب المستثمرين وهي أفضل الطرق للحصول على العملة الصعبة.
وهو مايعني ضرورة بناء استراتجية وطنية لجلب الإستثمار في قطاعات الصناعة وهذا النوع ليس منتجا بالنسبة لموريتانيا لأن من هو المستثمر الذي سيختار موريتانيا عن جزر الكناري ؟ أو السنغال؟ أو المغرب؟ لأن أي مستثمر عقلاني يحتاج إلى اليد العاملة الماهرة والكهرباء بأسعار معقولة تتيح له الإنتاج وحركة نقل ولابد من انسيابية الحركية وتوفر قدر من العوامل المهمة في الغالب لاتوجد في موريتانيا وإن وجدت بأسعار منافسة.
ومن جهة توجد موارد طبيعية كالمعادن والسمك وهذا لايحتاج جلب المستثمرين فمثلا الغاز في موريتانيا واسبانيا لايوجد فيها الحديد وفرنسا لايوجد بها سمك ويوجد في موريتانيا وبالفعل قد لاتأخذ جهدا ووقتا.
المؤشر:لنتحدث عن اسنيم عملاق الاقتصاد الموريتاني كيف ترون أداء الشركة؟وهل بالفعل وصلت إلى طموحات البلد في الانتقال إلى من تصدير الخامات إلى صناعات تحويلية؟
الخبير الاقتصادي:فيما يخص اسنيم لنعيد النظر إلى مؤشرات 2021 للشركة حيث مثلت 58% من صادرات موريتانيا ، ومثلت 15% من الناتج المحلي ورقم أعمالها مليار و600 مليار في 2021 وعدد عمالها 7000 وهي شركة مهمة وأي خلل أو تغير في انتاجيتها عنده مفعول على الاقتصاد ويتأثر بها البلد.
وبالتالي اسنيم شركة مهمة للاقتصاد ولعل من أسباب إنشاء الدولة له علاقة باسنيم والأن سننظر إنتاج اسنيم حسب المعايير العالمية حيث أنه كان يفترض أن تكون اسنيم شركة عملاقة بحكم خبرتها والبعد الزمني وتتمدد في افريقيا.
ومن جهة أخرى ينبغي على الدولة الموريتانية أن تفهم ذلك ، وهي لم تصل إلى الأهداف التي رسمت لها وهي شركة منفعة على الوطن لكن أيضا خطر على الاقتصاد الوطني فأي تغير في أسعار الحديد لديه مفعول ايجابي أوسلبي وهذه التذبذات لها خطر.
المؤشر:أعلنت الحكومة في الفترة الأخيرة عن اهتمام كبير بالزراعة برأيكم كيف يمكن لموريتانيا أن تحقق الاكتفاء الذاتي في زمن الحروب والأوبئة؟
الخبير الاقتصادي :بالنسبة للزراعة سبق أن ذكرت أنها ضمن القطاع الأولى الذي يشكل 18% من الناتج المحلي وهي قطاع مهم لدولة مثل موريتانيا ، والسؤال المطروح هل الزراعة الأن التي تهتم بها الحكومة ستحقق احتياجات البلد؟
شخصيا لا أرى ذلك لأن الزراعة المنتجة تحتاج عديد من العوامل منها الطاقة والنقل وتلك البنى التحتية هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الزراعة الحديثة لن تحل مشكل البطالة بحكم كونها ممكنة (تعتمد على الماكينات).
مع ان القيام بالإستثمار في الزراعة بشكل عقلاني مهم وتحقيق الأمن الغذائي أمر مهم لأي بلد.
المؤشر:لنتحدث عن ميزانية الدولة في 2022 حيث وصلت إلى ترليون و100 مليار أوقية برأيكم أين يكمن الخلل؟ في التسيير أم الأولويات؟
الخبير الاقتصادي: فيما يخص الميزانية لم أطلع عليها بالقدر الكافي ولكن في الحقيقة بأن الميزانية مجرد تنبؤات حسب معطيات وأمور لايتم التحكم فيها وأريد أن أعرف سعر برميل النفط الذي على أساسه هذه التبؤات؟ وماهي أسعار الذهب؟ وماهي أسعار السمك؟
ولابد من الإطلاع على قدر من المعطيات تجعل التنبؤات مبنية على أسس اقتصادية ، وأي تغير في أسعار النفط أو البترول سيكون له أثار على دخل الدولة وهي عوامل مهمة حتى يتسنى له معرفة الطريقة التي بنيت عليها ميزانية الدولة.
وبخصوص توزيعها لاحظت تخصيص الدولة 48% للإستثمار خطوة ايجابية وحين ننظر إلى عديد المؤشرات نرى تدهور كبير فيما يخص موريتانيا.
المؤشر : هل من تفسير لحذف الصفر من العملة؟
الخبير الاقتصادي: فيما يخص حذف الصفر من العملة وكما ذكرت الدولة هي محاربة التضخم الذي كان آنذاك وفرة في الكتلة النقدية ومع تبديلها أخرج الكثير من الأموال التي لايعرف مصدرها وهو مايمكن البنك المركزي من رسم سياسات نقدية فعالة وهو مهم من الناحية القانونية والضريبية.
وهناك كبح للحركية النقدية ولكن في المدى القصير وليس في المدى المتوسط والطويل وهو مايتطلب سياسات أخرى بعضها نقدي وهي خطوة قيم بها في العديد من الدول.
المؤشر الاقتصادي: شكرا جزيلا لكم